جوائح العصر الحديث "جائحة كورونا وتداعياتها القانونية وفقاً لنظرية الجوائح في الفقه الإسلامي"

الملخص

تتعرض المعاملات المالية في العصر الحديث الى العديد من النوازل، والجوائح، والظروف، والأحداث التي لها بالغ الأثر على سير العلاقات التعاقدية. وحيث إن المعاملات المالية هي عصب الحياة المدنية، ومحط الكثير من الاحتياجات البشرية فقد أهتم بها القانون، والشرع الحنيف، بحيث أجيز التعامل بين الأفراد، وإبرام العقود بحسب المصالح الاقتصادية، وحرم، ومنع ما كان منها مضراً، أو فيه مفسدة مالية؛ ولأن الجوائح تقع في كثير من المعاملات بين الناس بل إنها ازدادت وقوعاً في عصرنا الحالي، فقد أصبحت محط اهتمام الباحثين، والفقهاء.

وقد أثرت جائحة كورونا كوفيد 19، والقيود المرتبطة بها، مثل الإغلاق، والتقييد من الحركة في العديد من المجالات، وخاصة في سير، وتنفيذ العقود، وخاصة الزمنية منها المبرمة قبل تفشي الوباء.

وقد خص الفقه الإسلامي قديماً نظرية الجوائح: بالاهتمام، وشرع أحكامها، وأرسى مبادءها، ووضع لها تطبيقات عدة، وخاصة في الفقه المالكي، والفقه الحنبلي، والتي تعد من تطبيقات نظرية الظروف الطارئة المقررة في القوانين المدنية، والتي تقضي بأن حدوث خلل في التوازن الاقتصادي في مرحلة لاحقة لانعقاد العقد، وذلك بسبب حوادث استثنائية غير متوقعة. فإن معالجة هذا الاختلال، وإزالة الضرر الناجم عنه تتم استناداً إلى الأحكام الخاصة بنظرية الظروف الطارئة.

وكما نعلم فقد صنفت منظمة الصحة العالمية منذ بدايات انتشار فيروس كوفيد 19وباء كورونا كجائحة. مما دعانا للبحث في طبيعة الجوائح المستجدة لنرى مدى إمكانية، وصحة تكييف فيروس كورونا كذلك، وهل يمكن إجراء الشروط الخاصة بنظرية الجوائح على جائحة كورونا بحيث تجري عليها الأحكام التي قررها الفقهاء في نظرية الجوائح في الفقه الإسلامي. وذلك وفقاً لمنهج تحليلي مقارن للوصول إلى نتائج، وحلول لإشكالية البحث.