الآثار الجيوستراتيجية للفراغ السكاني في الجنوب الليبي وعلاقتها بالاضطراب السياسي في دول الجوار

الملخص

تناولت الدراسة الآثار الجيوستراتيجية للفراغ السكاني في الجنوب الليبي وأبعاده الجيوبوليتيكية، مبينةً أن المنطقة الجنوبية تشكل 7.46% فقط من إجمالي السكان في ليبيا، وهذه النسبة القليلة تشير إلى تخلل التوزيع الجغرافي لسكان الدولة الليبية المتمركز أغلبهم في مناطق الشمال.

كما تناولت موارد المنطقة الاقتصادية، حيث أنها أرض غنية بالموارد ومن بينها النفط والغاز مما أكسبها أهمية استراتيجية جعلتها محط أطماع الكثير من الأطراف الخارجية، وبالرغم من ثراء أراضي الجنوب فإنه لا يقطنها سوى عدد قليل من السكان مما يجعلها مناطق خطر جيوبوليتيكي يهدد أمن وسلامة الدولة، خصوصاً مع الفراغ الأمني الذي تشهده المنطقة في الوقت الراهن.

كما ناقشت الدراسة الفراغ السكاني في الجنوب الليبي وأثره في قوة الدولة، وقد أوضحت أن الفراغ العمراني مع كثرة دول الجوار لمناطق الجنوب الليبي وطول الحدود البرية مع السودان والنيجر وتشاد والجزائر تعد من أهم عوامل الضعف الجيوسياسي، حيث أن المنطقة عرضة للصراعات المتكررة من المجموعات المسلحة من دول الجوار والتي استغلت عوامل التقارب الاجتماعي والتاريخي بين أفراد القبائل، كما تعاني من نشاط التهريب والهجرة غير النظامية. 

كما أوضحت الدراسة أن التأثيرات الاستراتيجية للفراغ السكاني في الجنوب الليبي تتأثر بمستوى الاستقرار السياسي العام للدولة، فالمجموعات المسلحة تستغل غياب أثر الدولة من الناحية الأمنية والاقتصادية، وتنتهز فرصة الاضطراب السياسي على أراضيها ودول جوارها، حتى تتمكن هذه المجموعات من تنمية قدراتها الاقتصادية وإنعاش مواردها المالية إلى مستوى يصل لخلق كيانات سياسية جديدة على حدود الدولة الليبية.

وخلُصت الدراسة بطرح توصيات للتخفيف من حدة أبعاد المشكلة، موضحةً أن إبراز الأمن الحدودي والاهتمام بالتنمية في مناطق الجنوب في جميع ميادين الحياة إلى جانب استثمار موارد المنطقة بشكل يتناسب مع تنميتها يعد من أهم العوامل التي تقلل من الآثار المترتبة على الفراغ السكاني في الجنوب الليبي، وستتحول من مناطق طرد إلى مناطق جذب، وبالتالي تصبح مناطق الجنوب من المناطق ذات الأهمية الاستراتيجية في بناء القوة السياسية للدولة وتعزيز وحدة كيانها السياسي.